فصل: (الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْمَقَابِرِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْمَقَابِرِ):

لَا بَأْسَ بِزِيَارَةِ الْقُبُورِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَظَاهِرُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقْتَضِي الْجَوَازَ لِلنِّسَاءِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ الرِّجَالَ وَفِي الْأَشْرِبَةِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ لِلنِّسَاءِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهَا وَفِي التَّهْذِيبِ يُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ الْقُبُورِ وَكَيْفِيَّةُ الزِّيَارَةِ كَزِيَارَةِ ذَلِكَ الْمَيِّتِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
وَإِذَا أَرَادَ زِيَارَةَ الْقُبُورِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْفَاتِحَةَ وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ مَرَّةً وَاحِدَةً وَالْإِخْلَاصَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَجْعَلُ ثَوَابَهَا لِلْمَيِّتِ يَبْعَثُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ نُورًا وَيَكْتُبُ لِلْمُصَلِّي ثَوَابًا كَثِيرًا ثُمَّ لَا يَشْتَغِلُ بِمَا لَا يَعْنِيهِ فِي الطَّرِيقِ فَإِذَا بَلَغَ الْمَقْبَرَةَ يَخْلَعُ نَعْلَيْهِ ثُمَّ يَقِفُ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِلًا لِوَجْهِ الْمَيِّتِ وَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ وَيَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ أَنْتُمْ لَنَا سَلَفٌ وَنَحْنُ بِالْأَثَرِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
وَإِذَا أَرَادَ الدُّعَاءَ يَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
وَإِنْ كَانَ شَهِيدًا يَقُولُ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ.
وَإِذَا كَانَ قُبُورُ الْمُسْلِمِينَ مُخْتَلِطَةً بِقُبُورِ الْكُفَّارِ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَاتِحَةِ وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةَ {إذَا زُلْزِلَتْ} وَأَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي الْمَقَابِرِ إذَا أَخْفَى وَلَمْ يَجْهَرْ لَا تُكْرَهُ وَلَا بَأْسَ بِهَا إنَّمَا يُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الْمَقْبَرَةِ جَهْرًا أَمَّا الْمُخَافَتَةُ فَلَا بَأْسَ بِهَا وَإِنْ خَتَمَ، وَكَانَ الصَّدْرُ أَبُو إِسْحَاقَ الْحَافِظُ يَحْكِي عَنْ أُسْتَاذِهِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا بَأْسَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى الْمَقَابِرِ سُورَةَ الْمُلْكِ سَوَاءٌ أَخْفَى أَوْ جَهَرَ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَإِنَّهُ لَا يَقْرَأُ فِي الْمَقَابِرِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْخُفْيَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي فَصْلِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.
وَإِنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عِنْدَ الْقُبُورِ إنْ نَوَى بِذَلِكَ أَنْ يُؤْنِسَهُ صَوْتُ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ فَاَللَّهُ تَعَالَى يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ حَيْثُ كَانَتْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَأَجْلَسَ وَارِثُهُ عَلَى قَبْرِهِ مَنْ يَقْرَأُ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَأَفْضَلُ أَيَّامِ الزِّيَارَةِ أَرْبَعَةٌ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَالْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ وَالزِّيَارَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ حَسَنٌ وَيَوْمَ السَّبْتِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَقِيلَ فِي آخِرِ النَّهَارِ وَكَذَا فِي اللَّيَالِيِ الْمُتَبَرَّكَةِ لَا سِيَّمَا لَيْلَةَ بَرَاءَةَ وَكَذَلِكَ فِي الْأَزْمِنَةِ الْمُتَبَرَّكَةِ كَعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَالْعِيدَيْنِ وَعَاشُورَاءَ وَسَائِرِ الْمَوَاسِمِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
إذَا مَرَّ بِمَقْبَرَةٍ وَقَرَأَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ بِنِيَّةِ مَنْ يَمُرُّ عَلَيْهِمْ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَحُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ زِيَارَةِ الْقُبُورِ قِرَاءَةُ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي مَنْ قَرَأَهَا سَبْعَ مَرَّاتٍ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَيِّتُ غَيْرَ مَغْفُورٍ لَهُ يُغْفَرُ لَهُ وَإِنْ كَانَ مَغْفُورًا لَهُ غُفِرَ لِهَذَا الْقَارِئِ وَوَهَبَ ثَوَابًا لِلْمَيِّتِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي فَصْلِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.
وَإِنْ قَرَأَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ فَهُوَ أَحْسَنُ وَمَنْ أَرَادَ غَايَةَ الْكَمَالِ فَلْيَزِدْ عَلَيْهَا بِالتَّضَرُّعِ وَالِابْتِهَالِ سُوَرًا أُخَرَ وَمَنْ قَرَأَ عَلَى قَبْرٍ بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ رَفَعَ اللَّهُ الْعَذَابَ وَالضِّيقَ وَالظُّلْمَةَ عَنْ صَاحِبِ الْقَبْرِ أَرْبَعِينَ سَنَةً كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
قَالَ بُرْهَانُ التَّرْجُمَانِيُّ لَا نَعْرِفُ وَضْعَ الْيَدِ عَلَى الْمَقَابِرِ سُنَّةً وَلَا مُسْتَحْسَنًا وَلَا نَرَى بِهِ بَأْسًا وَقَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ هَكَذَا وَجَدْنَاهُ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ مِنْ السَّلَفِ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْمَكِّيُّ بِدْعَةٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَلَا يَمْسَحُ الْقَبْرَ وَلَا يُقَبِّلُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَادَةِ النَّصَارَى وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ قَبْرِ وَالِدَيْهِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
فِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ الْخُجَنْدِيُّ عَنْ رَجُلٍ قَبْرُ وَالِدَيْهِ بَيْنَ الْقُبُورِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ بِالدُّعَاءِ وَالتَّسْبِيحِ وَيَزُورَهُمَا فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ وَطْءِ الْقُبُورِ وَسُئِلَ أَيْضًا عَمَّنْ لَهُ بُقْعَةٌ مَمْلُوكَةٌ بَيْنَ الْمَقَابِرِ يُرِيدُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ وَلَا طَرِيقَ لَهُ إلَّا عَلَى الْمَقَابِرِ هَلْ لَهُ أَنْ يَتَخَطَّى الْمَقَابِرَ فَقَالَ إنْ كَانَ الْأَمْوَاتُ فِي التَّوَابِيتِ فَلَا بَأْسَ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا فِي غَيْرِ التَّوَابِيتِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ وَجَدَ طَرِيقًا فِي الْمَقْبَرَةِ يَتَحَرَّى فَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّ هَذَا طَرِيقٌ أَحْدَثُوهُ عَلَى الْقُبُورِ لَا يَمْشِي فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ فِي قَلْبِهِ ذَلِكَ يَمْشِي كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَصْعَدَ فِي الْمَقَابِرِ وَالْوَبَرِيُّ كَانَ يُوَسِّعُ فِي ذَلِكَ وَيَقُولُ سُقُوفُهَا بِمَنْزِلَةِ سُقُوفِ الدَّارِ فَلَا بَأْسَ بِالصُّعُودِ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَيُكْرَهُ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَأَنْ أَطَأَ عَلَى جَمْرٍ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَطَأَ عَلَى قَبْرٍ.
قَالَ عَلَاءٌ التَّرْجُمَانِيُّ يَأْثَمُ بِوَطْءِ الْقُبُورِ لِأَنَّ سَقْفَ الْقَبْرِ حَقُّ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَعَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَخَّصَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْمَشْيَ عَلَى الْقُبُورِ وَقَالُوا يَمْشِي عَلَى سَقْفِ الْقَبْرِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَرْفَعَ سِتْرَ الْمَيِّتِ لِيَرَى وَجْهَهُ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الدَّفْنِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
دَفَنَ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ فَالْمَالِكُ إنْ شَاءَ نَبَشَ أَوْ تَرَكَ أَوْ سَوَّى الْقَبْرَ وَزَرَعَ فَوْقَهُ أَوْ ضَمَّنَ الْوَارِثَ قِيمَةَ الْحُفْرَةِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
حَامِلٌ أَتَى عَلَى حَمْلِهَا سَبْعَةُ أَشْهُرٍ وَكَانَ الْوَلَدُ يَتَحَرَّكُ فِي بَطْنِهَا مَاتَتْ فَدُفِنَتْ ثُمَّ رُئِيَتْ فِي الْمَنَامِ أَنَّهَا قَالَتْ وَلَدَتْ لَا يُنْبَشُ الْقَبْرُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
يُكْرَهُ اتِّخَاذُ الْمَقْبَرَةِ فِي السِّكَكِ وَالْأَسْوَاقِ وَلَوْ اتَّخَذَ كَاشَانَةً لِيَدْفِنَ فِيهَا مَوْتَى كَثِيرَةً يُكْرَهُ أَيْضًا لِأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الْمَقَابِرِ يُكْرَهُ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَّخِذَ لِنَفْسِهِ تَابُوتًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي التَّابُوتِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَضْعُ الْوُرُودِ وَالرَّيَاحِينِ عَلَى الْقُبُورِ حَسَنٌ وَإِنْ تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ الْوَرْدِ كَانَ أَحْسَنَ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
وَإِخْرَاجُ الشُّمُوعِ إلَى رَأْسِ الْقُبُورِ فِي اللَّيَالِيِ الْأُوَلِ بِدْعَةٌ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
ثَوْبُ الْجِنَازَةِ تَخَرَّقَ بِحَيْثُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا كَانَ يُسْتَعْمَلُ فِيهِ لَا يَجُوزُ لِلْمُتَوَلَّى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ وَلَكِنْ يَبِيعُهُ بِثَمَنٍ وَيَشْتَرِي بِهِ وَبِزِيَادَةِ مَالٍ ثَوْبًا آخَرَ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْغِنَاءِ وَاللَّهْوِ وَسَائِرِ الْمَعَاصِي وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ):

اخْتَلَفُوا فِي التَّغَنِّي الْمُجَرَّدِ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ حَرَامٌ مُطْلَقًا وَالِاسْتِمَاعُ إلَيْهِ مَعْصِيَةٌ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ سَمِعَ بَغْتَةً فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَغَنَّى لِيَسْتَفِيدَ بِهِ نَظْمَ الْقَوَافِي وَالْفَصَاحَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَجُوزُ التَّغَنِّي لِدَفْعِ الْوَحْشَةِ إذَا كَانَ وَحْدَهُ وَلَا يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ اللَّهْوِ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَلَوْ كَانَ فِي الشَّعْرِ حِكَمٌ أَوْ عِبَرٌ أَوْ فِقْهٌ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِنْشَادُ مَا هُوَ مُبَاحٌ مِنْ الْأَشْعَارِ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِذَا كَانَ فِي الشِّعْرِ صِفَةُ الْمَرْأَةِ إنْ كَانَتْ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا وَهِيَ حَيَّةٌ يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَتْ مَيِّتَةً لَا يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً مُرْسَلَةً لَا يُكْرَهُ وَفِي النَّوَازِلِ.
قِرَاءَةُ شِعْرِ الْأَدِيبِ إذَا كَانَ فِيهِ ذِكْرُ الْفِسْقِ وَالْخَمْرِ وَالْغُلَامِ يُكْرَهُ وَالِاعْتِمَادُ فِي الْغُلَامِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْمَرْأَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قِيلَ إنَّ مَعْنَى الْكَرَاهَةِ فِي الشِّعْرِ أَنْ يَشْتَغِلَ الْإِنْسَانُ بِهِ فَيَشْغَلُهُ ذَلِكَ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ مِنْ قَصْدِهِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى عِلْمِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ الْحَلْوَانِيُّ عَمَّنْ سَمَّوْا أَنْفُسَهُمْ بِالصُّوفِيَّةِ فَاخْتَصُّوا بِنَوْعِ لُبْسِهِ وَاشْتَغَلُوا بِاللَّهْوِ وَالرَّقْصِ وَادَّعَوْا لِأَنْفُسِهِمْ مَنْزِلَةً فَقَالَ: افْتَرَوْا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَسُئِلَ إنْ كَانُوا زَائِغِينَ عَنْ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ هَلْ يُنْفَوْنَ مِنْ الْبِلَادِ لِقَطْعِ فِتْنَتِهِمْ عَنْ الْعَامَّةِ فَقَالَ إمَاطَةُ الْأَذَى أَبْلَغُ فِي الصِّيَانَةِ وَأَمْثَلُ فِي الدِّيَانَةِ وَتَمْيِيزُ الْخَبِيثِ مِنْ الطَّيِّبِ أَزْكَى وَأَوْلَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى السَّمَاعُ وَالْقَوْلُ وَالرَّقْصُ الَّذِي يَفْعَلُهُ الْمُتَصَوِّفَةُ فِي زَمَانِنَا حَرَامٌ لَا يَجُوزُ الْقَصْدُ إلَيْهِ وَالْجُلُوسُ عَلَيْهِ وَهُوَ وَالْغِنَاءُ وَالْمَزَامِيرُ سَوَاءٌ وَجَوَّزَهُ أَهْلُ التَّصَوُّفِ وَاحْتَجُّوا بِفِعْلِ الْمَشَايِخِ مِنْ قَبْلِهِمْ قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ مَا يَفْعَلُونَهُ غَيْرُ مَا يَفْعَلُهُ هَؤُلَاءِ فَإِنَّ فِي زَمَانِهِمْ رُبَّمَا يُنْشِدُ وَاحِدٌ شِعْرًا فِيهِ مَعْنًى يُوَافِقُ أَحْوَالَهُمْ فَيُوَافِقُهُ وَمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ رَقِيقٌ إذَا سَمِعَ كَلِمَةً تُوَافِقُهُ عَلَى أَمْرٍ هُوَ فِيهِ رُبَّمَا يُغْشَى عَلَى عَقْلِهِ فَيَقُومُ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ وَتَخْرُجُ حَرَكَاتٌ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَذَلِكَ مِمَّا لَا يُسْتَبْعَدُ أَنْ يَكُونَ جَائِزًا مِمَّا لَا يُؤْخَذُ بِهِ وَلَا يُظَنُّ فِي الْمَشَايِخِ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مِثْلَ مَا يَفْعَلُ أَهْلُ زَمَانِنَا مِنْ أَهْلِ الْفِسْقِ وَاَلَّذِينَ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِأَحْكَامِ الشَّرْعِ وَإِنَّمَا يَتَمَسَّكُ بِأَفْعَالِ أَهْلِ الدِّينِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.
وَسُئِلَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الدُّفِّ أَتَكْرَهُهُ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ بِأَنْ تَضْرِبَ الْمَرْأَةُ فِي غَيْرِ فِسْقٍ لِلصَّبِيِّ؟ قَالَ: لَا أَكْرَهُهُ.
وَأَمَّا الَّذِي يَجِيءُ مِنْهُ اللَّعِبُ الْفَاحِشُ لِلْغِنَاءِ فَإِنِّي أَكْرَهُهُ.
كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَا بَأْسَ بِضَرْبِ الدُّفِّ يَوْمَ الْعِيدِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
لَا بَأْسَ بِالْمِزَاحِ بَعْدَ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ الْإِنْسَانُ فِيهِ بِكَلَامٍ يَأْثَمُ بِهِ أَوْ يَقْصِدُ بِهِ إضْحَاكَ جُلَسَائِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
الْمُصَارَعَةُ بِدْعَةٌ وَهَلْ تَتَرَخَّصُ لِلشُّبَّانِ؟ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَتْ بِبِدْعَةٍ وَقَدْ جَاءَ الْأَثَرُ فِيهَا إلَّا أَنَّهُ يُنْظَرُ إنْ أَرَادَ بِهَا التَّلَهِّيَ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَيُمْنَعُ عَنْهُ وَإِنْ أَرَادَ تَحْصِيلَ الْقُوَّةِ لِيَقْدِرَ عَلَى الْمُقَاتَلَةِ مَعَ الْكَفَرَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيُثَابُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَشُرْبِ الْمُثَلَّثِ إذَا أَرَادَ التَّطَرُّبَ وَالتَّلَهِّيَ يُمْنَعُ عَنْهُ وَيُزْجَرُ وَإِنْ كَانَ مُقَاتِلًا وَأَرَادَ بِهِ الْقُوَّةَ وَالْقُدْرَةَ عَلَيْهَا جَازَ ذَلِكَ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.
قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ مَلِكُ الْمُلُوكِ اللَّعِبُ الَّذِي يَلْعَبُ الشُّبَّانُ أَيَّامَ الصَّيْفِ بِالْبِطِّيخِ بِأَنْ يَضْرِبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مُبَاحٌ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى فِي الْبَابِ السَّادِسِ.
وَيُكْرَهُ اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ وَالنَّرْدِ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَكُلُّ لَهْوٍ مَا سِوَى الشِّطْرَنْجِ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا الشِّطْرَنْجُ فَاللَّعِبُ بِهِ حَرَامٌ عِنْدَنَا وَاَلَّذِي يَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ هَلْ تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ وَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فَإِنْ قَامَرَ بِهِ سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ وَلَمْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُقَامِرْ لَمْ تَسْقُطْ عَدَالَتُهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَمْ يَرَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ تَعَالَى بِالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ بَأْسًا وَكَرِهَ ذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمِهِمَا اللَّهُ تَعَالَى تَحْقِيرًا لَهُمْ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
وَالْكَذِبُ مَحْظُورٌ إلَّا فِي الْقِتَالِ لِلْخُدْعَةِ وَفِي الصُّلْحِ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَفِي إرْضَاءِ الْأَهْلِ وَفِي دَفْعِ الظَّالِمِ عَنْ الظُّلْمِ، وَيُكْرَهُ التَّعْرِيضُ بِالْكَذِبِ إلَّا لِحَاجَةٍ كَقَوْلِك لِرَجُلٍ كُلْ فَيَقُولُ أَكَلْت يَعْنِي أَمْسِ فَإِنَّهُ كَذِبٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ وَعَزَمَ عَلَيْهَا وَأَصَرَّ أَثِمَ بِهَا كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّعْرِيفُ أَوَّلًا بِاللُّطْفِ وَالرِّفْقِ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي الْمَوْعِظَةِ وَالنَّصِيحَةِ ثُمَّ التَّعْنِيفِ بِالْقَوْلِ لَا بِالسَّبِّ وَالْفُحْشِ ثُمَّ بِالْيَدِ كَإِرَاقَةِ الْخَمْرِ وَإِتْلَافِ الْمَعَازِفِ ذَكَرَ الْفَقِيهُ فِي كِتَابِ الْبُسْتَانِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى وُجُوهٍ إنْ كَانَ يَعْلَمُ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ يَقْبَلُونَ ذَلِكَ مِنْهُ وَيُمْنَعُونَ عَنْ الْمُنْكَرِ فَالْأَمْرُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَلَا يَسَعُهُ تَرْكُهُ وَلَوْ عَلِمَ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ قَذَفُوهُ وَشَتَمُوهُ فَتَرْكُهُ أَفْضَلُ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَضْرِبُونَهُ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى ذَلِكَ وَيَقَعُ بَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ وَيَهِيجُ مِنْهُ الْقِتَالُ فَتَرْكُهُ أَفْضَلُ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَوْ ضَرَبُوهُ صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَشْكُو إلَى أَحَدٍ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ مُجَاهِدٌ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ مِنْهُ وَلَا يَخَافُ مِنْهُ ضَرْبًا وَلَا شَتْمًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ وَالْأَمْرُ أَفْضَلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا اسْتَقْبَلَهُ الْآمِرُ بِالْمَعْرُوفِ وَخَشِيَ أَنْ لَوْ أَقْدَمَ عَلَيْهِ قُتِلَ فَإِنْ أَقْدَمَ عَلَيْهِ وَقُتِلَ يَكُونُ شَهِيدًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَيُقَالُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ بِالْيَدِ عَلَى الْأُمَرَاءِ وَبِاللِّسَانِ عَلَى الْعُلَمَاءِ وَبِالْقَلْبِ لِعَوَامِّ النَّاسِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الزندويستي كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ يَحْتَاجُ إلَى خَمْسَةِ أَشْيَاءَ، أَوَّلُهَا: الْعِلْمُ لِأَنَّ الْجَاهِلَ لَا يُحْسِنُ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَقْصِدَ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِعْلَاءَ كَلِمَتِهِ الْعُلْيَا.
وَالثَّالِثُ: الشَّفَقَةُ عَلَى الْمَأْمُورِ فَيَأْمُرُهُ بِاللِّينِ وَالشَّفَقَةِ.
وَالرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ صَبُورًا حَلِيمًا.
وَالْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ عَامِلًا بِمَا يَأْمُرُهُ كَيْ لَا يَدْخُلَ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} وَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ مِنْ الْعَوَامّ أَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ لِلْقَاضِي وَالْمُفْتِي وَالْعَالِمِ الَّذِي اشْتَهَرَ لِأَنَّهُ إسَاءَةٌ فِي الْأَدَبِ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ بِهِ ضَرَرُهُ فِي ذَلِكَ وَالْعَامِّيُّ لَا يَفْهَمُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
رَجُلٌ رَأَى مُنْكَرًا وَهَذَا الرَّائِي مِمَّنْ يَرْتَكِبُ هَذَا الْمُنْكَرَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْهَى عَنْهُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ تَرْكُ الْمُنْكَرِ وَالنَّهْيُ عَنْهُ فَبِتَرْكِ أَحَدِهِمَا لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْآخَرُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَهَكَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَالْمُحِيطِ.
رَجُلٌ عَلِمَ أَنَّ فُلَانًا يَتَعَاطَى مِنْ الْمُنْكَرِ هَلْ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ إلَى أَبِيهِ بِذَلِكَ قَالُوا إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ كَتَبَ إلَى أَبِيهِ يَمْنَعُهُ الْأَبُ عَنْ ذَلِكَ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ أَبَاهُ لَوْ أَرَادَ مَنْعَهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَكْتُبُ وَكَذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَبَيْنَ السُّلْطَانِ وَالرَّعِيَّةِ وَالْحَشَمِ إنَّمَا يَجِبُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ يَسْتَمِعُونَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لَوْ أَرَادَ الْأَبُ أَنْ يَأْمُرَ وَلَدَهُ بِشَيْءٍ وَيُخَافُ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُ لَا يَمْتَثِلُ أَمْرَهُ يَقُولُ لَهُ (خوب آيداي بُسْرًا كراين كاركني يانكني) وَلَا يَأْمُرُهُ حَتَّى لَا يَلْحَقَهُ عُقُوبَةُ الْعُقُوقِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ أَتَى بِفَاحِشَةٍ ثُمَّ تَابَ وَأَنَابَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْبِرَ الْإِمَامَ بِمَا صَنَعَ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ لِأَنَّ السِّتْرَ مَنْدُوبٌ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ يَرَى رَجُلًا يَسْرِقُ مَالَ إنْسَانٍ قَالَ إنْ كَانَ لَا يَخَافُ الظُّلْمَ مِنْهُ يُخْبِرُهُ وَإِنْ كَانَ خَافَ سَكَتَ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.
رَجُلٌ أَظْهَرَ الْفِسْقَ فِي دَارِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَيْهِ إبْلَاءً لِلْعُذْرِ فَإِنْ كَفَّ عَنْهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُفَّ عَنْهُ فَالْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ حَبَسَهُ وَإِنْ شَاءَ زَجَرَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدَّبَهُ أَسْوَاطًا وَإِنْ شَاءَ أَزْعَجَهُ عَنْ دَارِهِ وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَحْرَقَ بَيْتَ الْخَمَّارِ وَعَنْ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ الصَّفَّارِ أَنَّهُ أَمَرَ بِتَخْرِيبِ دَارِ الْفَاسِقِ بِسَبَبِ الْفِسْقِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ أَنَّهُ يَكْسِرُ دِنَانَ الْخَمْرِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَلْقَى فِيهَا الْمِلْحَ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْكَاسِرِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَخْرِقْ الزِّقَّ إذَا كَانَ فِيهِ خَمْرٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ نَصْرَانِيٍّ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ إذَا أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْمِلَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَإِنْ كَانَ غَالِبُ رَأْيِهِ أَنَّهُ يَقْتُلُ إذَا كَانَ فِي غَالِبِ رَأْيِهِ أَنَّهُ يَنْكِي فِيهِمْ نِكَايَةً بِقَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ هَزِيمَةٍ وَإِنْ كَانَ غَالِبُ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَا يَنْكِي فِيهِمْ أَصْلًا لَا بِقَتْلٍ وَلَا بِجُرْحٍ وَلَا هَزِيمَةٍ وَيُقْتَلُ هُوَ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ وَحْدَهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُبَاحَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُقْتَلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَنْهَى قَوْمًا مِنْ فُسَّاقِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ مُنْكَرٍ وَكَانَ مِنْ غَالِبِ رَأْيِهِ أَنَّهُ يُقْتَلُ لِأَجْلِهِ وَلَا يَنْكِي فِيهِمْ نِكَايَةً بِضَرْبٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْإِقْدَامِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْعَزِيمَةُ وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَرَخَّصَ بِالسُّكُوتِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَا بَأْسَ بِتَعْلِيقِ الْأَجْرَاسِ عَلَى عُنُقِ الْفَرَسِ وَالثَّوْرِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَرَاهَةِ تَعْلِيقِ الْجَرَسِ عَلَى الدَّوَابِّ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِكَرَاهَتِهِ فِي الْأَسْفَارِ كُلِّهَا الْغَزْوُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ فِي الْحَضَرِ كَمَا يَقُولُ بِكَرَاهَتِهِ فِي السَّفَرِ وَيَقُولُ أَيْضًا بِكَرَاهَةِ اتِّخَاذِ الْجَلَاجِلِ فِي رِجْلِ الصَّغِيرِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إنَّمَا يُكْرَهُ اتِّخَاذُ الْجَرَسِ لِلْغُزَاةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْجَرَسِ عَلَى الدَّوَابِّ إنَّمَا يُكْرَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّ الْعَدُوَّ يَشْعُرُ بِمَكَانِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ قِلَّةٌ يَتَبَادَرُونَ إلَيْهِمْ فَيَقْتُلُونَهُمْ وَإِنْ كَانَ بِهِمْ كَثْرَةٌ فَالْكُفَّارُ يَتَحَرَّزُونَ عَنْهُمْ وَيَتَحَصَّنُونَ فَعَلَى هَذَا قَالُوا إذَا كَانَ الرَّكْبُ فِي الْمَفَازَةِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ يَخَافُونَ مِنْ اللُّصُوصِ يُكْرَهُ لَهُمْ تَعْلِيقُ الْجَرَسِ عَلَى الدَّوَابِّ أَيْضًا حَتَّى لَا يَشْعُرَ بِهِمْ اللُّصُوصُ فَلَا يَسْتَعِدُّونَ لِقَتْلِهِمْ وَأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ وَاَلَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ الْجَوَابِ فِي الْجَرَسِ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الْجَلَاجِلِ قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي السَّيْرِ فَأَمَّا مَا كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِصَاحِبِ الرَّاحِلَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ قَالَ وَفِي الْجَرَسِ مَنْفَعَةٌ جَمَّةٌ مِنْهَا إذَا ضَلَّ وَاحِدٌ مِنْ الْقَافِلَةِ يَلْحَقُ بِهَا بِصَوْتِ الْجَرَسِ وَمِنْهَا أَنَّ صَوْتَ الْجَرَسِ يُبْعِدُ هَوَامَّ اللَّيْلِ عَنْ الْقَافِلَةِ كَالذِّئْبِ وَغَيْرِهِ وَمِنْهَا أَنَّ صَوْتَ الْجَرَسِ يَزِيدُ فِي نَشَاطِ الدَّوَابِّ فَهُوَ نَظِيرُ الْحِدَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْمُحْتَسِبُ إذَا نَهَى قَطَّانًا عَنْ وَضْعِ الْقُطْنِ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَلَمْ يَمْتَنِعْ فَأَوْقَدَ الْمُحْتَسِبُ النَّارَ فِي قُطْنِهِ وَأَحْرَقَهُ يَضْمَنُ إلَّا إذَا عَلِمَ فَسَادًا فِي ذَلِكَ وَرَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي إحْرَاقِهِ فَلَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي التَّدَاوِي وَالْمُعَالَجَاتِ وَفِيهِ الْعَزْلُ وَإِسْقَاطُ الْوَلَدِ):

الِاشْتِغَالُ بِالتَّدَاوِي لَا بَأْسَ بِهِ إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ الشَّافِيَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَنَّهُ جَعَلَ الدَّوَاءَ سَبَبًا أَمَّا إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ الشَّافِيَ هُوَ الدَّوَاءُ فَلَا.
كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا بَأْسَ بِالتَّدَاوِي بِالْعَظْمِ إذَا كَانَ عَظْمُ شَاةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ بَعِيرٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الدَّوَابِّ إلَّا عَظْمَ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ التَّدَاوِي بِهِمَا فَقَدْ جَوَّزَ التَّدَاوِي بِعَظْمِ مَا سِوَى الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَمَا إذَا كَانَ الْحَيَوَانُ ذَكِيًّا أَوْ مَيِّتًا وَبَيْنَمَا إذَا كَانَ الْعَظْمُ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ إذَا كَانَ الْحَيَوَانُ ذَكِيًّا لِأَنَّ عَظْمَهُ طَاهِرٌ رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعَاتِ رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا فَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْحَيَوَانُ مَيِّتًا فَإِنَّمَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِعَظْمِهِ إذَا كَانَ يَابِسًا وَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ إذَا كَانَ رَطْبًا وَأَمَّا عَظْمُ الْكَلْبِ فَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ هَكَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ لَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
الِانْتِفَاعُ بِأَجْزَاءِ الْآدَمِيِّ لَمْ يَجُزْ قِيلَ لِلنَّجَاسَةِ وَقِيلَ لِلْكَرَامَةِ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يُنْتَفَعُ مِنْ الْخِنْزِيرِ بِجِلْدِهِ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا الشَّعْرُ لِلْأَسَاكِفَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُكْرَهُ الِانْتِفَاعُ أَيْضًا بِالشَّعْرِ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَظْهَرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا كَانَ بِرَجُلٍ جِرَاحَةٌ يُكْرَهُ الْمُعَالَجَةُ بِعَظْمِ الْخِنْزِيرَ وَالْإِنْسَانِ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَذَا فِي الْكُبْرَى وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ظَهَرَ بِهِ دَاءٌ فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ قَدْ غَلَبَ عَلَيْك الدَّمُ فَأَخْرِجْهُ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَاتَ لَا يَكُونُ آثِمًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَيَقَّنْ أَنَّ شِفَاءَهُ فِيهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَتُسْتَحَبُّ الْحِجَامَةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
لَا يَنْبَغِي لِلْحَامِلِ أَنْ تَحْتَجِمَ وَلَا تَفْتَصِدَ مَا لَمْ يَتَحَرَّكْ الْوَلَدُ فَإِذَا تَحَرَّكَ جَازَ مَا لَمْ تَقْرُبْ الْوِلَادَةُ مُحَافَظَةً عَلَى الْوَلَدِ إلَّا إذَا لَحِقَهَا بِتَرْكِهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
امْرَأَةٌ أَتَى عَلَى حَمْلِهَا شَهْرٌ فَأَرَادَتْ إلْقَاءَ الْعَلَقِ عَلَى الظَّهْرِ لِأَجْلِ الدَّمِ تَسْأَلُ أَهْلَ الطِّبِّ فَإِنْ قَالُوا يَضُرُّ بِالْحَمْلِ لَا تَفْعَلُ كَذَا فِي الْكُبْرَى.
وَإِنْ شَرِبَتْ الْمَرْأَةُ دَوَاءً لِتَصِحَّ نَفْسَهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَهُوَ أَوْلَى وَإِنْ سَقَطَ الْوَلَدُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.
الْحِجَامَةُ بَعْدَ نِصْفِ الشَّهْرِ يَوْمَ السَّبْتِ حَسَنٌ نَافِعٌ جِدًّا وَيُكْرَهُ قَبْلَ نِصْفِ الشَّهْرِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ.
مَرِضَ أَوْ رَمِدَ فَلَمْ يُعَالِجْ حَتَّى مَاتَ لَا يَأْثَمُ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
وَالرَّجُلُ إذَا اسْتَطْلَقَ بَطْنَهُ أَوْ رَمِدَتْ عَيْنَاهُ فَلَمْ يُعَالِجْ حَتَّى أَضْعَفَهُ ذَلِكَ وَأَضْنَاهُ وَمَاتَ مِنْهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَمَا إذَا جَاعَ وَلَمْ يَأْكُلْ مَعَ الْقُدْرَةِ حَتَّى مَاتَ حَيْثُ يَأْثَمُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَكْلَ مِقْدَارُ قُوتِهِ مُشْبِعٌ بِيَقِينٍ فَكَانَ تَرْكُهُ إهْلَاكًا وَلَا كَذَلِكَ الْمُعَالَجَةُ وَالتَّدَاوِي كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَتُكْرَهُ أَلْبَانُ الْأَتَانِ لِلْمَرِيضِ وَغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ لُحُومُهَا وَكَذَلِكَ التَّدَاوِي بِكُلِّ حَرَامٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَتُكْرَهُ أَبْوَالُ الْإِبِلِ وَلَحْمُ الْفَرَسِ وَقَالَا لَا بَأْسَ بِأَبْوَالِ الْإِبِلِ وَلَحْمِ الْفَرَسِ لِلتَّدَاوِي كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
اعْلَمْ بِأَنَّ الْأَسْبَابَ الْمُزِيلَةَ لِلضَّرَرِ تَنْقَسِمُ إلَى مَقْطُوعٍ بِهِ كَالْمَاءِ الْمُزِيلِ لِضَرَرِ الْعَطَشِ وَالْخُبْزِ الْمُزِيلِ لِضَرَرِ الْجُوعِ وَإِلَى مَظْنُونٍ كَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَشُرْبِ الْمُسْهِلِ وَسَائِرِ أَبْوَابِ الطِّبِّ أَعْنِي مُعَالَجَةَ الْبُرُودَةِ بِالْحَرَارَةِ وَمُعَالَجَةَ الْحَرَارَةِ بِالْبُرُودَةِ وَهِيَ الْأَسْبَابُ الظَّاهِرَةُ فِي الطِّبِّ وَإِلَى مَوْهُومٍ كَالْكَيِّ وَالرُّقْيَةِ أَمَّا الْمَقْطُوعُ بِهِ فَلَيْسَ تَرْكُهُ مِنْ التَّوَكُّلِ بَلْ تَرْكُهُ حَرَامٌ عِنْدَ خَوْفِ الْمَوْتِ وَأَمَّا الْمَوْهُومُ فَشَرْطُ التَّوَكُّلِ تَرْكُهُ إذْ بِهِ وَصَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ الْمُتَوَكِّلِينَ وَأَمَّا الدَّرَجَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ وَهِيَ الْمَظْنُونَةُ كَالْمُدَاوَاةِ بِالْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ فَفِعْلُهُ لَيْسَ مُنَاقِضًا لِلتَّوَكُّلِ بِخِلَافِ الْمَوْهُومِ وَتَرْكُهُ لَيْسَ مَحْظُورًا بِخِلَافِ الْمَقْطُوعِ بِهِ بَلْ قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ فِعْلِهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَفِي حَقِّ بَعْضِ الْأَشْخَاصِ فَهُوَ عَلَى دَرَجَةٍ بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ.
وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُسْعَطَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ الْمَرْأَةِ وَيَشْرَبَهُ لِلدَّوَاءِ وَفِي شُرْبِ لَبَنِ الْمَرْأَةِ لِلْبَالِغِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ اخْتِلَافُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَلَوْ أَنَّ مَرِيضًا أَشَارَ إلَيْهِ الطَّبِيبُ بِشُرْبِ الْخَمْرِ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخٍ أَنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ يَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّهُ يَصِحُّ حَلَّ لَهُ التَّنَاوُلُ وَقَالَ الْفَقِيهُ عَبْدُ الْمَلِكِ حَاكِيًا عَنْ أُسْتَاذِهِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ التَّنَاوُلُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُدَاوِيَ بِالْخَمْرِ جُرْحًا أَوْ دُبُرَ دَابَّةٍ وَلَا أَنْ يَسْقِيَ ذِمِّيًّا وَلَا أَنْ يَسْقِيَ صَبِيًّا لِلتَّدَاوِي وَالْوَبَالُ عَلَى مَنْ سَقَاهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
يَجُوزُ لِلْعَلِيلِ شُرْبُ الدَّمِ وَالْبَوْلِ وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ لِلتَّدَاوِي إذَا أَخْبَرَهُ طَبِيبٌ مُسْلِمٌ أَنَّ شِفَاءَهُ فِيهِ وَلَمْ يَجِدْ مِنْ الْمُبَاحِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَإِنْ قَالَ الطَّبِيبُ يَتَعَجَّلُ شِفَاؤُك فِيهِ وَجْهَانِ.
هَلْ يَجُوزُ شُرْبُ الْقَلِيلِ مِنْ الْخَمْرِ لِلتَّدَاوِي؟ إذَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا يَقُومُ مَقَامَهُ فِيهِ وَجْهَانِ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
قَالَ لَهُ الطَّبِيبُ الْحَاذِقُ عِلَّتُك لَا تَنْدَفِعُ إلَّا بِأَكْلِ الْقُنْفُذِ أَوْ الْحَيَّةِ أَوْ دَوَاءٍ يُجْعَلُ فِيهِ الْحَيَّةَ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَأَكْلُ التِّرْيَاقِ يُكْرَهُ إذَا كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْحَيَّاتِ وَإِنْ بَاعَ ذَلِكَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فِيهِ شَيْئًا مِنْ الْحَيَّاتِ لَا بَأْسَ بِشُرْبِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَأَكْلُ خَرْءِ الْحَمَامِ لِلدَّوَاءِ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
مَضْغُ الْعِلْكِ لِلنِّسَاءِ لَا بَأْسَ بِهِ بِلَا خِلَافٍ وَاخْتُلِفَ فِي مَضْغِهِ لِلرِّجَالِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لَا بَأْسَ بِهِ فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا إذَا كَانَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
وَسُئِلَ أَبُو مُطِيعٍ عَنْ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ الْقَبْقَبَةَ وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ تَلْتَمِسُ السِّمَنَ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ تَأْكُلْ فَوْقَ الشِّبَعِ وَإِذَا أَكَلَتْ فَوْقَ الشِّبَعِ لَا يَحِلُّ لَهَا كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.
وَالْمَرْأَةُ إذَا كَانَتْ تُسْمِنُ نَفْسَهَا لِزَوْجِهَا لَا بَأْسَ بِهِ وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
أَدْخَلَ الْمَرَارَةَ فِي أُصْبُعِهِ لِلتَّدَاوِي قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَجُوزُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
الْعَجِينُ إذَا وُضِعَ عَلَى الْجُرْحِ إنْ عَرَفَ أَنَّ فِيهِ شِفَاءً لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَا بَأْسَ بِكَيِّ الصِّبْيَانِ إذَا كَانَ لِدَاءٍ أَصَابَهُمْ وَكَذَا لَا بَأْسَ بِكَيِّ الْبَهَائِمِ لِلْعَلَامَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَيُكْرَهُ الْكَيُّ فِي الْوَجْهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ.
وَاخْتُلِفَ فِي الِاسْتِرْقَاءِ بِالْقُرْآنِ نَحْوَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى الْمَرِيضِ وَالْمَلْدُوغِ أَوْ يُكْتَبَ فِي وَرَقٍ وَيُعَلَّقَ أَوْ يُكْتَبَ فِي طَسْتٍ فَيُغْسَلَ وَيُسْقَى الْمَرِيضَ فَأَبَاحَهُ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَأَبُو قِلَابَةَ وَكَرِهَهُ النَّخَعِيّ وَالْبَصْرِيُّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْمَشَاهِيرِ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ وَاَلَّذِي رَعَفَ فَلَا يُرْقَأُ دَمُهُ فَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ بِدَمِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ يَجُوزُ.
وَكَذَا لَوْ كَتَبَ عَلَى جِلْدِ مَيْتَةٍ إذَا كَانَ فِيهِ شِفَاءٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَا بَأْسَ بِتَعْلِيقِ التَّعْوِيذِ وَلَكِنْ يَنْزِعُهُ عِنْدَ الْخَلَاءِ وَالْقُرْبَانِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
قَالَ إنْ أَرَادَتْ امْرَأَةٌ أَنْ تَضَعَ التَّعْوِيذَ لِيُحِبَّهَا زَوْجُهَا بَعْدَمَا كَانَ يَبْغُضُهَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.
وَلَوْ وُلِدَ وَلَدٌ يُكْرَهُ أَنْ يُلْطَخَ رَأْسُهُ بِدَمِهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ.
قَالَ شِهَابُ الدِّينِ الْآدَمِيُّ لَا بَأْسَ بِإِحْرَاقِ الْغُثَاءِ الْمُلْتَقَطِ مِنْ الطَّرِيقِ وَإِدَارَتِهِ حَوْلَ مَنْ أَصَابَتْهُ الْعَيْنُ وَنَظِيرُهُ صَبُّ الشَّمْعِ فَوْقَ الصَّبِيِّ الْخَائِفِ قَالَ الشَّيْخُ اللَّبَّادِي إنَّمَا يُبَاحُ إذَا لَمْ يَرَ الشِّفَاءَ مِنْهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
لَا بَأْسَ بِوَضْعِ الْجَمَاجِمِ فِي الزُّرُوعِ وَالْمَبْطَخَةِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْعَيْنِ عُرِفَ ذَلِكَ بِالْآثَارِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
كِتَابَةُ الرِّقَاعِ وَإِلْزَاقُهَا عَلَى الْأَبْوَابِ أَيَّامَ النَّيْرُوزِ لِأَجْلِ الْهَوَامِّ مَكْرُوهٌ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
يُكْرَهُ كِتَابَةُ الرِّقَاعِ فِي أَيَّامِ النَّيْرُوزِ وَإِلْصَاقُهَا بِالْأَبْوَابِ حَرَامٌ لِأَنَّ فِيهَا إهَانَةَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّشَبُّهَ بِالْمُنَجِّمِينَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
إذَا أَحْرَقَ الطِّيبَ أَوْ غَيْرَهُ أَفْتَى بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا فِعْلُ الْعَوَامّ الْجُهَّالِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
رَجُلٌ عَزَلَ عَنْ امْرَأَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا لِمَا يَخَافُ مِنْ الْوَلَدِ السُّوءِ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَظَاهِرُ جَوَابِ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَسْعَهُ وَذَكَرَ هُنَا يَسَعُهُ لِسُوءِ هَذَا الزَّمَانِ كَذَا فِي الْكُبْرَى.
وَلَهُ مَنْعُ امْرَأَتِهِ مِنْ الْعَزْلِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَإِنْ أَسْقَطَتْ بَعْدَ مَا اسْتَبَانَ خَلْقُهُ وَجَبَتْ الْغُرَّةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْعِلَاجُ لِإِسْقَاطِ الْوَلَدِ إذَا اسْتَبَانَ خَلْقُهُ كَالشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَنَحْوِهِمَا لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَبِينِ الْخَلْقِ يَجُوزُ وَأَمَّا فِي زَمَانِنَا يَجُوزُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
وَفِي الْيَتِيمَةِ سَأَلْت عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ عَنْ إسْقَاطِ الْوَلَدِ قَبْلَ أَنْ يُصَوَّرَ فَقَالَ أَمَّا فِي الْحُرَّةِ فَلَا يَجُوزُ قَوْلًا وَاحِدًا وَأَمَّا فِي الْأَمَةِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْمَنْعُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَا يَجُوزُ لِلْمُرْضِعَةِ دَفْعُ لَبَنِهَا لِلتَّدَاوِي إنْ أَضَرَّ بِالصَّبِيِّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
امْرَأَةٌ مُرْضِعَةٌ ظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ وَانْقَطَعَ لَبَنُهَا وَتَخَافُ عَلَى وَلَدِهَا الْهَلَاكَ وَلَيْسَ لِأَبِي هَذَا الْوَلَدِ سَعَةٌ حَتَّى يَسْتَأْجِرَ الظِّئْرَ يُبَاحُ لَهَا أَنْ تُعَالِجَ فِي اسْتِنْزَالِ الدَّمِ مَا دَامَ نُطْفَةً أَوْ مُضْغَةً أَوْ عَلَقَةً لَمْ يُخْلَقْ لَهُ عُضْوٌ وَخَلْقُهُ لَا يَسْتَبِينُ إلَّا بَعْدَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا أَرْبَعُونَ نُطْفَةً وَأَرْبَعُونَ عَلَقَةً وَأَرْبَعُونَ مُضْغَةً كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.